الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
قال قاسم بن ثابت في الدلائل ذات يده وذات بيننا ونحوه صفة لمحذوف مؤنث كأنه يعني الحال التي هي بينهم والمراد بذات يده ماله وكسبه وأما قولهم لقيته ذات يوم فالمراد لقاؤه أول مرة. - (حم ق عن أبي هريرة) وسببه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم خطب أمّ هانئ فاعتذرت بكبر سنها وأنها أمّ عيال فرفقت بالنبي صلى اللّه عليه وسلم أن لا يتأذى بمسنة ولا بمخالطة أولادها فذكره قال الحافظ العراقي: فينبغي ذكر هذا في أسباب الحديث. 4091 - (خير نساء أمتي أصبحهن وجهاً وأقلهن مهراً) وفي رواية وجوهاً ومهوراً وذلك لأن صباحة الوجه يحصل بها العفة وهي خير الأمور وقلة المهر دال على خيرية المرأة ويمنها وبركتها. - (عد عن عائشة) قضية صنيع المصنف أنّ ابن عدي خرجه وأقره والأمر بخلافه فإنه أورده في ترجمة الحسين بن المبارك الطبراني وقال إنه متهم ذكره في اللسان. 4092 - (خير نسائكم الولود الودود) أي المتحببة إلى زوجها (المواسية المواتية) أي الموافقة للزوج (إذا اتقين اللّه) أي [ص 493] خفنه وأطعنه في فعل المأمور وتجنب المنهي (وشر نسائكم المتبرجات) أي المظهرات زينتهن للأجانب وهو مذموم لغير الزوج (المتخيلات) أي المعجبات المتكبرات والخيلاء بالضم العجب والتكبر (وهن المنافقات) أي يشبههن (لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم) الأبيض الجناحين أو الرجلين أراد قلة من يدخل الجنة منهن لأن هذا الوصف في الغراب عزيز. - (هق عن ابن أبي أذينة الصدفي) بفتح الصاد والدال المهملتين وآخره فاء نسبة إلى الصدف بكسر الدال قبيلة من حمير نزلت مصر (مرسلاً وعن سليمان بن يسار) ضد اليمين الهلالي أبي أيوب مولى ميمونة أمّ المؤمنين فقيه عابد زاهد حجة (مرسلاً) قال الحافظ العراقي: قال البيهقي: روي بإسناد صحيح عن سعيد بن يسار مرسلاً. 4093 - (خير نسائكم العفيفة) أي التي تكف عن الحرام (الغلمة) أي التي شهوتها هائجة لكن ليس ذلك محموداً مطلقاً كما بينه بقوله (عفيفة في فرجها) عن الأجانب (غلمة على زوجها) قال بعضهم: خرجت ليلة فإذا بجارية كفلقة قمر فراودتها فقالت: أما لك زاجر من عقل إن لم يكن لك ناه من دين قلت: ما يرانا إلا الكواكب قالت: فأين مكوكبها. - (فر عن أنس) وفيه عبد الملك بن محمد الصغاني قال ابن حبان: لا يجوز أن يحتج به عن زيد بن هبيرة قال الذهبي: تركوه ورواه ابن لال ومن طريقه أورده الديلمي مصرحاً فلو عزاه المصنف للأصل لكان أصوب. 4094 - (خير هذه الأمة أولها) يعني القرن الذي أنا فيه كما في الرواية الأخرى (وآخرها) ثم بين وجه ذلك بقوله (أولها فيهم رسول اللّه) {الذي أرسله بالهدى ودين الحق} (وآخرها فيهم عيسى ابن مريم) روح اللّه وكلمته (وبين ذلك نهج أعوج ليس منك ولست منهم) والنهج هنا البهر بالضم وهو شر الوادي وانقطاع النفس من الأعياء كذا في القاموس كغيره والأعوج ضد المستقيم والمراد هنا اعوجاج أحوالهم. - (حل عن عروة بن رويم مرسلاً). 4095 - (خير يوم طلعت فيه) في رواية عليه (الشمس) قال القرطبي: خير وشر يستعملان للمفاضلة ولغيرها فإذا كانت للمفاضلة فأصلهما أخير وأشر على وزن أفعل وهي هنا للمفاضلة غير أنها مضافة لنكرة موصوفه (يوم الجمعة) وذلك لأن (فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة) قال القاضي: بين الصبح وطلوع الشمس واختصاصه بوقوع ذلك فيه يدل على تمييزه بالخيرية لأن خروج آدم فيه من الجنة سبب لوجود الذرية الذين منهم الأنبياء والأولياء وسبب للخلافة في الأرض وإنزال الكتب وقيام الساعة سبب تعجيل جزاء الأخيار وإظهار شرفهم فزعم أن وقوع هذه القضايا فيه لا يدل على فضله في حيز المنع قال القاضي: وقد عظم اللّه هذا اليوم ففرض على عباده أن يجتمعوا فيه ويعظموا فيه خالقهم بالطاعة لكن لم يبينه لهم بل أمرهم بأن يستخرجوه بأفكارهم وواجب على كل قبيل اتباع ما أدى إليه اجتهاده صواباً أو خطأ كما في المسائل الاجتهادية فقالت اليهود هو يوم السبت لأنه يوم فراغ وقطع عمل فإن اللّه فرغ من السماء والأرض فيه فينبغي انقطاعنا عن العمل فيه والتعبد [ص 494] وزعمت النصارى أنه الأحد لأنه يوم بدء الخلق الموجب للشكر والتعبد ووفق اللّه هذه الأمة للإصابة فعينوه الجمعة لأن اللّه خلق الإنسان للعبادة وكان خلقه يومها فالعبادة فيه أولى لأنه تعالى أوجد في سائر الأيام ما ينفع الإنسان وفي الجمعة أوجد نفس الإنسان والشكر على نعمة الوجود وروى ابن أبي حاتم عن السدي أنه تعالى فرض الجمعة على اليهود فقالوا يا موسى إن اللّه لم يخلق يوم السبت شيئاً فاجعله لنا فجعل عليهم وذكر الأبي أن في بعض الآثار أن موسى عين لهم الجمعة وأخبرهم بفضله فناظروه بأن السبت أفضل فأوحى إليه دعهم وما اختاروا. - (حم م ت) في باب الجمعة (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري. 4096 - (خير يوم طلعت فيه) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة عليه (الشمس يوم الجمعة) يعني من أيام الأسبوع وأما أيام السنة فخيرها يوم عرفة (فيه خلق آدم وفيه أهبط) من الجنة للخلافة في الأرض لا للطرد بل لتكثير النسل وبث عباد اللّه فيها وإظهار العبادة التي خلقوا لأجلها وما أقيمت السماوات والأرض إلا لأجلها وذلك لا يثبت إلا بخروجه فيها فكان أحرى بالفضل من استمراره فيها فإخراجه منها يعد فضيلة لآدم خلافاً لما وقع لعياض (وفيه تيب عليه) بالبناء للمفعول والفاعل معلوم (وفيه قبض) أي توفي وفيه ينقضي أجل الدنيا (وتقوم الساعة) أي يوم القيامة وفيه يحاسب اللّه الخلق ويدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال ابن العربي: كان خروج آدم سبباً لهذا النسل العظيم الذي منه الأنبياء ولم يخرج منها طرداً بل لقضاء أوطار ويعود إليها وقيام الساعة سبب تعجيل جزاء الأصناف الثلاثة الأنبياء والصديقين والأولياء وغيرهم وإظهاركم أماتهم وقال القاضي: فيه بيان لفضله إذ لا شك أن خلق آدم فيه يوجب له شرفاً ومزية وكذا قبضه فيه فإنه سبب لوصوله إلى جناب القدس والخلاص من البليات وكذا النفخة وهي نفخ الصور فإنها مبدأ قيام الساعة ومقدمات النشأة الثانية وأسباب توصل أرباب الكمال إلى ما أعد لهم من النعيم المقيم ومن ثم كان (ما على) وجه (الأرض من دابة إلا وهي تصبح يوم الجمعة مصيخة) بسين وصاد أي مصغية منتظرة لقيامها فيه وروى مسيخة بإبدال الصاد سيناً (حتى تطلع الشمس شفقاً) أي خوفاً وفزعاً (من) قيام (الساعة) فإنه اليوم الذي يطوى فيه العالم ويخرب الدنيا وتنبعث فيه الناس إلى منازلهم من الجنة والنار، والساعة اسم علم ليوم القيامة سميت به لقربها ووصفها بالقيام لأنها اليوم ساكنة وإذا أراد اللّه إيجادها اتصفت بالحركة وقوله حتى تطلع الشمس يدل على أنها إذا طلعت عرفت الدواب أنه ليس ذلك اليوم قال الطيبي: وجه إصاخة كل دابة وهي لا تعقل أن اللّه يلهمها ذلك ولا عجب عند قدرة اللّه، وحكمة الإخفاء عن الثقلين أنهم لو كوشفوا بذلك اختلت قاعدة الابتلاء والتكليف وحق القول عليهم ووجه آخر أنه تعالى يظهر يوم الجمعة من عظائم الأمور وجلائل الشؤون ما تكاد الأرض تميد بها فتبقى كل دابة ذاهلة دهشة كأنها مسيخة لمرعب الذي يداخلها إشفاقاً منها لقيام الساعة (إلا ابن آدم وفيه ساعة) أي خفية (لا يصادفها عبد مؤمن وهو في الصلاة) في رواية وهو يصلي أي يدعو (يسأل اللّه شيئاً إلا أعطاه إياه) زاد أحمد ما لم يكن إثماً أو قطيعة رحم قال الشافعية: ويسن الإكثار من الدعاء يومها رجاء مصادفتها وفي تعيينها بضعة وأربعون قولاً كما في ليلة القدر قال البيهقي: فكان النبي يعلمها بعينها ثم أنسيها كما أنسي ليلة القدر قال ابن حجر: وهذا رواه ابن خزيمة عن أبي سعيد صريحاً. - (مالك) في المؤطأ. استدل بالحديث على مزية الوقوف بعرفة يوم الجمعة على غيره من الأيام ومن ثم كان وقوف المصطفى في حجة الوداع واللّه إنما يختار لرسوله الأفضل ولأن الأعمال تشرف بشرف الأزمنة كالأمكنة ويوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع قال [ص 495] ابن حجر: وأما ما ذكره رزين في جامعه مرفوعاً خير يوم طلعت فيه الشمس يوم عرفة وافق يوم جمعة وهو أفضل من سبعين حجة في غيرها فحديث لا أعرف حاله لأنه لم يذكر صحابيه ولا من خرجه بل أدرجه في حديث الموطأ وليس في الموطآت فإن كان له أصل احتمل أن يراد بالسبعين التحديد أو المبالغة وعلى كل فتثبت المزية بذلك (حم 3) في باب الجمعة (حب ك) كلهم (عن أبي هريرة) قال الترمذي: صحيح وقال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي. 4097 - (خير يوم تحتجمون فيه سبع عشرة) من الشهر (وتسع عشرة) منه (وإحدى وعشرين) منه قال أبو البقاء: خير أصلها أفعل وهي تضاف إلى ما هي بعض له وتقديره خير أيام قالوا: حد هنا في معنى الجمع وقوله سبع عشرة وما بعده جعل مؤنثاً والظاهر يعطي أن يكون مذكراً لأنه خبر عن يوم والوجه في تأنيثه أنه حمله على الليل لأن التاريخ به يقع واليوم تبع له ولهذا قال إحدى على معنى الليلة وفيه وجه ثالث أنه يريد باليوم الوقت ليلاً كان أو نهاراً كما يقال يوم بدر ويوم الجمل ثم أنت على أصل التاريخ وقوله وإحدى وعشرين هو في هذه الرواية بالنصب والجيد أن يكون مرفوعاً إلى هنا كلامه (وما مررت بملأ) أي جماعة (من الملائكة ليلة أسري بي) إلى السماء (إلا قالوا عليك بالحجامة يا محمد) أي الزمها وأمر أمتك بها كما في خبر آخر وذلك دلالة على عظيم فضلها وبركة نفعها وإعانتها على الترقي في الملكوت الأعلى كما سيجيء بسطه في حرف الميم. - (حم ك عن ابن عباس) قال ابن الجوزي: قال يحيى بن عباد بن منصور أي أحد رجاله ليس بشيء وقال ابن الجنيد: هو متروك وقال النسائي: ضعيف وكان بغير. 4098 - (خير ما تداويتم به اللدود) بالفتح ما يسقاه المريض من الأدوية في أحد شقي فمه (والسعوط) بالفتح ما يصب في الأنف من الدواء (والحجامة والمشي) بميم مفتوحة وشين مكسورة وشد الياء الدواء المسهل لأنه يحمل شاربه على المشي للخيلاء. - (ت) في الطب (وابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في الطب) النبوي (عن ابن عباس) وقال الترمذي: حسن غريب ورواه عنه ابن ماجه أيضاً فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذي به من بين الستة غير صواب. 4099 - (خير الدواء اللدود والسعوط والمشي والحجامة والعلق) بفتح العين واللام بضبط المصنف دويبة حمراء تكون في الماء تعلق بالبدن وتمص الدم وهي من أدوية الحلق والأورام الدموية لمصها الدم الغالب على الإنسان وفيه كالذي قبله مشروعية الطب الذي جملته حفظ الصحة ودفع السقم فإنه لما سبق في علم اللّه أنه لا يخلص الصحة ولا السقم للناس دائماً وخلق في الأرض ما لو استعملوه أشفى مست الحاجة إلى معرفة الضار والنافع وحقيقته واحتيج مع ذلك إلى معرفة الأدواء والعلل وأسبابها وأعراضها وطرق استعمالها لتكون السلامة وتعود الصحة. - (أبو نعيم) في الطب النبوي (عن الشعبي مرسلاً). 4100 - (خيركم) أي من خيركم (خيركم لأهله) أي لعياله وأقاربه قال ابن الأثير: هو إشارة إلى صلة الرحم والحث عليها بل قال القفال: يقال خير الأشياء كذا ولا يراد به أنه خير من جميع الوجوه في جميع الأحوال والأشخاص بل في حال [ص 496] دون حال أو نحوه (وأنا خيركم لأهلي) فأنا خيركم مطلقاً وكان أحسن الناس عشرة لهم حتى أنه كان يرسل بنات الأنصار لعائشة يلعبن معها وكانت إذا وهبت شيئاً لا محذور فيه تابعها عليه وإذا شربت شرب من موضع فمها ويقبلها وهو صائم وأراها الحبشة وهم يلعبون في المسجد وهي متكئة على منكبه وسابقها في السفر مرتين فسبقها وسبقته ثم قال هذه بتلك وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة وفي الصحيح أن نساءه كن يراجعنه الحديث وتهجره الواحدة منهن يوماً إلى الليل ودفعته إحداهن في صدره فزجرتها أمها فقال لها: دعيها فإنهن يصنعن أكثر من ذلك كذا في الإحياء وجرى بينه وبين عائشة كلام حتى أدخل بينهما أبا بكر حكماً كما في خبر الطبراني وقالت له عائشة مرة في كلام غضبت عنده وأنت الذي تزعم أنك نبي اللّه؟ فتبسم كما في خبر أبي يعلى وأبي الشيخ عنها. - (ت) في المناقب (عن عائشة ه عن ابن عباس طب عن معاوية) وصححه الترمذي وظاهر كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه بل بقيته عند الترمذي كما في الفردوس وغيره وإذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه. 4101 - (خيركم خيركم للنساء) ولهذا كان على الغاية القصوى من حسن الخلق معهن وكان يداعبهن ويباسطهن قال ابن القيم: وربما مدّ يده لإحداهن بحضرة باقيهن ولعله كناية عن تقبيلهن والاستمتاع بما فوق الثياب لا عن وطئها فحاشا جنابه الشريف فإنه حرام كما بينه بعض الشافعية وبفرض عدم الحرمة ففيه قلة مروءة وخرم حشمة لا يليق هو أشد حياء من العذراء في خدرها. - (ك) في البر (عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي. 4102 - (خيركم) يعني من خياركم وأفاضلكم من كان معظم بره لأهله كما يقال فلان أعقل الناس أي من أعقلهم فلا يصير بذلك خير الناس مطلقاً والأهل قد يخص الزوجة وأولادها وقد يطلق على جملة الأقارب فهم أولى من الأجانب (خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) أي براً ونفعاً لهم ديناً ودينا أي فتابعوني ما آمركم بشيء إلا وأنا أفعله (ما أكرم النساء إلا كريم وما) وفي نسخة ولا (أهانهن إلا لئيم) ومن ثم كان يعتني بهن ويهتم بتفقد أحوالهن فكان إذا صلى العصر دار على نسائه فدنا منهن واستقرأ أحوالهن فإذا جاء الليل انقلب إلى صاحبه النوبة وكان إذا شربت عائشة من الإناء أخذه فوضع فمه على موضع فمها وشرب وإذا تعرقت عرقاً وهو العظم الذي عليه اللحم أخذه فوضع فمه على موضع فمها رواه مسلم ولما أراد أن يحمل صفية بنت حيي على بعير نصب لها فخذه لتضع رجلها عليه فلوت ساقها عليه وفي تذكرة ابن عراق عن الإمام مالك يجب على الرجل أن يتجنب إلى أهل داره حتى يكون أحب الناس إليهم وذكر نحوه يوسف الصدفي المالكي. - (ابن عساكر) في التاريخ (عن علي) أمير المؤمنين. 4103 - (خيركم من أطعم الطعام) للإخوان والجيران والفقراء والمساكين لأن فيه قوام الأبدان وحياة كل حيوان (ورد السلام) على من سلم عليه ورده واجب وأما الإطعام فإن كان لمضطر فواجب وإلا فمندوب وهذا قاله لمن قال له أي الإسلام خير قال الخطابي: دل صرف الجواب عن جملة خصال الإسلام وأعماله أي ما يجب من حقوق الآدميين فجعل خير أفعالها في المثوبة إطعام الطعام الذي به قوام الأبدان وخير أقوالها ردّ السلام الذي به تحصل الألفة بين أهل الإسلام فقد اشتمل الحديث على نوعي المكارم لأنها إما مالية والإطعام إشارة إليها وإما بدنية والسلام إشارة إليها وفيه حث على الجود والسخاء. - (ع ك عن صهيب) ورواه أيضاً أحمد باللفظ المزبور وكأنه أغفله ذهولاً لما سبق أن الحديث إذا كان في مسند أحمد لا يعدل عنه لمن دونه. [ص 497] 4104 - (خيركم خيركم قضاء) للدين بأن يؤدي أحسن مما اقترض مثلاً ويزيد في الإعطاء على ما فيه ذمّته من غير مطل ولا تسويف عند القدرة. - (ن عن العرباض) بن سارية. 4105 - (خيركم خيركم لأهلي من بعدي) أي خيركم أيها الصحب خيركم لأهلي زوجاتي وأقاربي وعيالي من بعد وفاتي وقد قبل أكثر الصحابة وصيته فقابلوهم بالإكرام والاحترام وعمل البعض بضد ذلك فآذوهم وأهانوهم. - (ك عن أبي هريرة) ورواه أيضاً أبو يعلى وأبو نعيم والديلمي ورجاله ثقات ولكن شذ راويه بقوله لأهلي والكل إنما قالوه لأهله ذكره ابن أبي خيثمة. 4106 - (خيركم قرني) المراد خير قرونكم فحذف لدلالة الكلام عليه ورعاية لقوله (ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) فإن قلت كان القياس يلونكم ثم الذين يلونكم فالجواب أن الأول التفات والثاني على الأصل (ثم يكون بعدهم) أي بعد الثلاث (قوم) فاعل يكون قال جمع: لفظ قوم يختص بالرجال (يخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون) صفة قوم وهذا موافق لخبر شر الشهود من شهد قبل أن يستشهد وقيل المراد شهادة الزور وقيل يحلفون كذباً ولا يستحلفون (وينذرون) بكسر المعجمة وضمها (ولا يوفون) بنذرهم (ويظهر فيهم السمن) يعني يحبون التوسع في المأكل والمشرب وهي أسباب السمن أو يتعاطون التسمين أو يتكثرون بما ليس فيهم ويدعون ما ليس لهم من الشرف وظاهر الخبر أن صحبه أفضل من جميع من جاء بعدهم وعليه كثير لكن ذهب جمع منهم ابن عبد البر إلى أنه يمكن أن يكون فيمن بعدهم أفضل من بعضهم للخبر الحسن بل قيل الصحيح الآتي مثل أمتي مثل المطر لا يدرى آخره خير أم أوله وانتصر للأول بما لا يخلو عن تكلف وفي الأخذ بإطلاقه صوبة ويبعد كل البعد القطع بأفضلية أعرابي جلف لم يحصل له إلا مجرد الرؤية ولم يخالط علماء الصحابة على مثل الأئمة الأربعة والسفيانين وأضرابهم. - (ق) في الفضائل وغيرها(3) في النذر (عن عمران بن حصين). 4107 - (خيركم في المائتين) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة بعد المائتين (كل خفيف الحاذ) بحاء مهملة وذال معجمة خفيفة قال المؤلف وغيره: ومن جعل باللام والجيم والدال فقد صحف أصله طريقة المتن أي ما يقع عليه اللبد من ظهر الفرس أي خفيف الظهر من العيال أو المال قيل: يا رسول اللّه وما خفيف الحاذ قال: (الذي لا أهل له ولا ولد) ضربه مثلاً لقلة ماله وعياله ومن زعم نسخه لم يصب لأن النسخ خاص بالطلب ولا يدخل للخبر ولا منافاة بينه وبين خبر تناكحوا تناسلوا لأن الأمر بالنكاح عام لكل أحد بشروط وهذا الخبر فيمن لم تتوفر فيه الشروط وخاف من النكاح التورط فيما يخاف منه على دينه بسبب طلب المعيشة وبذلك حصل الجمع بين الحديثين وزعم النسخ جهل بقواعد الأصول. - (ع) والديلمي وكذا الخطيب كلهم (عن حذيفة) بن اليمان وفيه رواد بن الجراح قال الدارقطني: متروك قال في الميزان: وهذا الحديث مما يغلط فيه اهـ وسبقه البيهقي فخرجه في الشعب فقال: تفرد به رواد عن سفيان وقال ابن الجوزي: قال الدارقطني: تفرد به رواد وهو ضعيف وقد أدخله البخاري في الضعفاء وقال: اختلط لا يكاد يقوم حديثه وقال أحمد: حديثه من المناكير وقال الخليل: ضعفه الحفاظ وغلطوه فيه وفي معناه أخبار كلها واهية وقال الذهبي في الضعفاء: رواد قال الدارقطني [ص 498] ضعيف ووثقه ابن معين وقال: له حديث واحد منكر عن سفيان خيركم في المائتين كل خفيف الحاذ اهـ بلفظه وقال الحافظ العراقي: طرقه كلها ضعيفة وقال الزركشي: غير محفوظ والحمل فيه على رواد. 4108 - (خيركم خيركم لنسائه ولبناته) فيه دلالة على حسن المعاشرة مع الأهل والأولاد سيما البنات واحتمال الأذى منهن والصبر على سوء أخلاقهن وضعف عقولهن والعطف عليهن. ينبغي للزوج إكرام الزوجة بما يناسب من موجبات المحبة والألفة كإكرام مثواها وإجادة ملبوسها على الوجه اللائق ومشورتها في الجزئيات إيهاماً أنه اتخذها كاتمة أسراره وتخليتها في المنزل لتهتم بخدمته قال حاتم الأصم: إني في البيت كدابة مربوطة إن قدم إليَّ شيء أكلت وإلا أمسكت ويراعى إكرام أقاربها ودفع الغيرة عنها بإشغال خاطرها بأمور المنزل ولا يؤثر الغير عليها وإن كان خيراً منها فإن الغيرة والحسد في طينة النساء مع نقصان العقل فإذا لم يدفع عنها أذى إلى قبائح والرجل في المنزل كالقلب في البدن فكما لا يكون قلب واحد متبعاً لحياة بدنين لا يكون لرجل تدبير منزلين على الوجه الأكمل ولا تغتر بما وقع لأفراد فالنادر لا نقص به ويتحرز عن إظهار إفراط محبتها وعن مشاورتها في الكليات ولا يطلعها على أسرارها فإنها وإن كتمتها حالاً تظهرها عند ظهور الغيرة ويجنبها الملاهي والنظر إلى الأجانب واستمتاع حكايات الرجال ومجالسة نساء يعلمن هذه الأعمال سيما في العجائز وقد صنف الطبراني والنوقاني في معاشرة الأهل مؤلفات. - (هب عن أبي هريرة). 4109 - (خيركم خيركم للمماليك) أي لمماليككم وكذا مماليك غيركم بأن تنظروا إلى من يكلف عبده على الدوام ما لا يطيقه فتعاونوه أو لمن يجيع عبده فتطعموه ونحو ذلك. الخدم كأعضاء البدن للإنسان ولولاهم لباشر أشغاله بنفسه فلينظر في حال كل واحد فيصلحه ويسلك معه طريق الرفق والمداراة ويعين له وقت الاستراحة ويتفقد أحواله ويعامله بمقتضى الحال فمن احتاج إلى العطف عطف عليه أو إلى الأدب أدبه بقول أو فعل أو بهما بقدر المصلحة ويتلطف بهم لطفاً معتدلاً ولا يبالغ في عقابهم ويجتنب الوجه والمقاتل ويتغافل عن خفي ذنوبهم ولا يعاقب على ذلك أول مرة بل يهدد ويزجر ومن عرف عدم صلاحه فارقه سريعاً لئلا يفسد غيره ويخص كل واحد بشغل يلائمه ولا يختار أحداً للخدمة إلا بعد إمعان النظر والتجربة ويجتنب أصحاب صور مشوهة وتخطيطات متفاوتة فإن للخلق تابع للخلق وليس وراء الخلق الذميم إلا الخلق الذميم ونحو أعرج وأقرع وأبرص وكل ذي علة والمفرط جمالاً دفعاً للتهمة ويريبه ويزوجه إذا بلغ ويعتقه إذا كبر. - (فر عن عبد الرحمن بن عوف) وفيه محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة مشهور وقال ابن سعد: ليس بحجة عن عبد الملك بن زيد ضعيف عن مصعب بن مصعب وقال ابن أبي حاتم: ضعفوه ذكره كله الذهبي. 4110 - (خيركم المدافع عن عشيرته) في المهمات في حضورهم وغيبتهم ويرد عنهم من ظلمهم في مال أو عرض أو بدن ويكون الدفع بالأخف فالأخف (ما لم يأثم) أي ما لم يظلم الدافع في دفعه بأن تعدى الحد الواجب في الدفع كأن يتحامل على المدفوع لنحو عصيبة أو ضغينة قال في الإتحاف: الخيرية هنا باعتبار إضافي وما ذاك إلا أن من المدافعين من يدافع عن نفسه ومن يدافع عن أصدقائه ومن يدافع عن عشيرته وخير هؤلاء المدافع عن عشيرته وقوله ما لم يأثم زجر عن المبالغة في المدافعة حتى ينتهي المدافع إلى الإثم ونص عليه وإن كان معلوماً ليكون مستحضراً في الذهن إذ الحمية قد تذهل عنه. - (د) في الأدب (عن سراقة) بضم المهملة وفتح الراء وبالقاف (ابن مالك) بن جعشم بضم الجيم وسكون المهملة الكناني [ص 499] بنونين الندي قال له المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كيف بك إذا لبست سواري كسرى فلبسهما زمن عمر وفيه أيوب بن سويد بن مسعود الحميري ضعفه ابن معين وغيره. 4111 - (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) أي خير المتعلمين والمعلمين من كان تعلمه وتعليمه في القرآن لا في غيره إذ خير الكلام كلام اللّه فكذا خير الناس بعد النبيين من اشتغل به أو المراد خير المتعلمين من يعلم غيره لا من يقتصر على نفسه أو المراد خيرية خاصة من هذه الجهة أي جهة حصول التعليم بعد العلم والذي يعلم غيره يحصل له النفع المتعدي بخلاف من يعمل فقط ولذلك استظهروا رواية الواو على أو لاقتضائها إثبات الخيرية لمن فعل أحد الأمرين ولا شك أن الجامع بينهما مكمل لنفسه ولغيره فهو الأفضل. وقال بعض المحققين: والذي يسبق للفهم من تعلم القرآن حفظه وتعلم فقهه فالخيار من جمعهما. قال الطيبي: ولا بد من تقييد التعلم والتعليم بالإخلاص فمن أخلصهما وتخلق بهما دخل في زمرة الأنبياء. - (خ ت) عن علي في فضائل القرآن (ه د ت) في السنة (عن عثمان) بن عفان رضي اللّه عنه. 4112 - (خيركم من لم يترك آخرته لدنياه ولا دنياه لآخرته ولم يكن كلاً على الناس) أي ثقيلاً عليهم فإن الدنيا جارية مجرى الجناح المبلغ إلى الآخرة والآلة المسهلة إلى الوصول إليها، ولهذا قال لقمان لابنه: خذ من الدنيا بلاغك وأبق فضول كسبك إلى آخرتك ولا ترفض الدنيا كل الرفض فتكون عيالاً وعلى أعناق الرجال محمولاً وليس فيه ذمّ التوكل لأنه قطع النظر عن الأسباب لا تركها بالكلية فدفع الضرر المتوقع أو الواقع لا يناقض التوكل بل يجب كالهرب من نحو جدار ساقط وإساغة لقمة بالماء. - (خط) من حديث نعيم بن سالم وكذا الديلمي (عن أنس) قال ابن الجوزي: حديث لا يصح. قال ابن حبان: نعيم يضع على أنس. 4113 - (خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره) وإنما يرجى خير من عرف بفعل الخير وشهرته به ومن غلب خيره أمنت القلوب من شره ومتى قوي الإيمان في قلب عبد رجى خيره وأمن شره ومتى ضعف قل خيره وغلب شره. قال الطيبي: التقسيم العقلي يقتضي أربعة أقسام ذكر هنا قسمين ترغيباً وترهيباً وترك القسمين الباقيين إذ لا ترغيب ولا ترهيب. - (ع عن أنس) بن مالك (حم ت عن أبي هريرة) قال الهيثمي: رواه أحمد بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح. 4114 - (خيركم أزهدكم في الدنيا) لدناءتها وفنائها (وأرغبكم في الآخرة) لشرفها وبقائها فالعاقل من نزه نفسه عن الدنيا وأوضارها وجعلها خادمة له وأجمل في الطلب وسعى في التخلص فإنه إذا أعرض عنها أتته راغمة خادمة والذي يصل إليه منها وهو يقبل عليها هو الذي يصل إليه وهو معرض عنها وأنا أضرب لك مثلاً رجل صرف وجهه للشمس فرجع ظله خلفه فقصد نحو الشمس فاتبعه ظله ولم يلحقه ولا نال منه إلا ما حصل تحت قدميه فهل الإنسان إن أقبل بوجهه على ظله واستدبر الشمس وجرى ليلحق ظله فلا هو ملحق للظل وقد فاته حظه من الشمس وهم الذين قال اللّه فيهم - (هب عن الحسن مرسلاً) وهو البصري. 4115 - (خيركم إسلاماً أحاسنكم أخلاقاً إذا فقهوا) أي فهموا عن اللّه أوامره ونواهيه وسلكوا مناهج الكتاب والسنة وفي رواية لأبي يعلى بسند حسن كما قاله الهيثمي بدل فقهوا إذا سدّدوا. - (خد عن أبي هريرة) وسنده حسن. 4116 - (خيركنّ أطولكن يداً) الخطاب لزوجاته ومراده طول اليد بالصدقة لا الطول الحسي وكان أكثرهنّ صدقة زينب كما سبق قضيته أنها أفضل زوجاته ومر حكاية الاتفاق على أن أفضلهن خديجة والأكثر على أن عائشة بعدها. - (ع عن أبي برزة) بفتح الموحدة التحتية وسكون الراء وفتح الزاي قال: كان للنبي صلى اللّه عليه وسلم تسع نسوة فقال يوماً: خيركن أطولكن يداً فقامت كل واحدة تضع يدها على الجدار فقال: لست أعني هذا ولكن أصنعكن لمعروف قال الهيثمي: إسناده حسن. 4117 - (خيرهن) يعني النساء (أيسرهن صداقاً) بمعنى أن يسره دال على خيرية المرأة ويمنها وبركتها فيكون ذلك من قبيل الفأل الحسن. - (طب عن ابن عباس) رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما جابر الجعفي وفي الآخر رجاء بن الحارث وهما ضعيفان وبقية رجاله ثقات ذكره الهيثمي وقال في اللسان: رجاء بن الحارث قال البخاري: حديثه لبس بالقائم وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه ثم أورد له هذا الخبر. 4118 - (خير سليمان بين المال والملك) الذي هو التلبس بشرف الدنيا والاستئثار بخيرها (والعلم) أي باللّه تعالى وبأحكامه (فاختار العلم) عليهما (فأعطى المال والملك) مع العلم (لاختياره العلم) والعلم هو الملك الحقيقي لأن الملوك مملوكون لما ملكوا والعلماء ممكنون فيما إليه وجهوا لا يصدهم عن تكملة أمر الدين وإصلاح أمر الآخرة صاد ولا يردهم عنه راد فلما لم يرتض سليمان الملك أورثه اللّه عنه الأمانة ورفعة الولاية والاستيلاء على محاب القلوب فاسترعى له قلوب العالمين بما استرعى الملوك بعض خواص المستخدمين روي أن معسكره كان مئة فرسخ في مئة خمسة وعشرين للجن ومثلها للإنس ومثلها للطير ومثلها للوحش وكان له ألف بيت من قوارير فيها ثلاث مئة منكوحة وسبع مئة سرية وبساط من ذهب وإبريسم بوضع عليه كرسيه وهو من ذهب وحوله ست مئة ألف كرسي فيقعد على الذهب والعلماء على الفضة وحولهم الناس وحولهم الجن وتظلهم الطير وترفع الصبا البساط فيسير به مسيرة شهر في لحظة. - (ابن عساكر فر عن ابن عباس) وذكره ابن عبد البر معلقاً. 4119 - (خيرت) بالبناء للمفعول والفاعل هو اللّه أي خيرني اللّه (بين الشفاعة) في عصاة المؤمنين (وبين أن يدخل شطر أمتي الجنة) بغير شفاعة (فاخترت الشفاعة لأنها أعم وأكفى) إذ بها يدخلها كلهم ولو بعد دخول من مات مؤمناً النار (أترونها) استفهام إنكاري بمعنى النفي أي لا تظنون الشفاعة التي اخترتها (للمؤمنين المنقين لا ولكنها للمذنبين المتلوثين الخطائين) قال بعض شراح الشفاء: والمنقين بنون وقاف مفتوحتين مع تشديد القاف جمع منقى أي مطهر معنى وحساً من [ص 501] التنقية.
|